ماذا بعد الدموع الحسينية ..؟!

ماذا بعد الدموع الحسينية ..؟!

السلام على الإمام المظلوم .. المرفوع رأسه على الرماح .. السلام على وطن الجراح .. غريب الغرباء ..
الشهيد بكربلاء أبا عبدالله الحسين وعلى ابنه علي وعلى أولاده وأصحابه وأنصاره المستشهدين بين يديه.
قال العلي العظيم في محكم كتابه الكريم:

"وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ " (44) سورة الأعرافا
لقضية الحُسينية والرسالة الإنسانية
إننا حينما نقرأ أو نسمع ونتأمل في القضية الحُسينية في حياتنا بكل مبادئها وقيمها ومواقفها وما جرى فيها نصل إلى مفهوم عظيم ألا وهو أنها البوصلة الحقيقية لأنفسنا والتي نصل من خلالها لشاطئ البصيرة والوعي والحقيقة وللحق تعالى قبل كل شئ؛ ونقوم من خلال استخلاصنا لأهم ما فيها من دروس وعبر فيها العزة والكرامة والشرف لا إذلال وإهانة الإنسان بتطهر أرواحنا من دنس الخطايا والذنوب ونؤدي حقوق الله وحقوق الأهل والناس والإنسانية كما يجب.
وهذا ما يُريده الله سبحانه وتعالى وهذا ما يُريده رسوله وخليفته والإمام الحسين والتسعة المعصومين من ذرية الإمام الحسين منا في حياتنا.
الحق والحقيقة
فلنتأمل .. ما هو الحق الذي من أجله حارب الإمام الحسين الظلمة والظالمين في حياته وقدم التضحيات من أجل الوصول لهدفه المنشود طول مسيرته المتعبة والشاقة وهو يتعامل مع أنذل شخصيات في الدولة الأموية الجائرة (يزيد وآل أمية) لعنة الله عليهم وعلى أصحابهم وأتباعهم إلى يوم الدين..؟
وما هي الحقيقة التي يُريد الإمام للعالم أن يعرفها عن مثلِ هذه الحُثالة الظالمة؟
الكثير من التساؤلات المهمة جداً لابُدّ والتي يجب علينا أن نعي أهميتها.. ومنها:
لماذا أنتَ موجود في هذا الكون..؟
ما قيمتُك؟
وما هو هدفُك في الحياة..؟
مَن قُدوتُك؟
مَن وليُك؟
مَن هِي قِيادتُك؟
مَا هي صفاتُ قيادتُك؟
مَا هي مبادئها وقيمها؟
وَهل تقبل أن يُمثلك في حياتِك ويقود زمام أمورك ظالم.. أم من؟
مَاذا قدمت لله .. لنفسك .. لأهلك .. لمجتمعك من خير؟
هل أنتَ قائد..؟
ما هو شعارك في حياتك؟
بل ما هي سياستُك ورسالتُك في حياتك..؟!!
القيادة و الحرية والدمعة
أسئلةٌ كثيرة يجب أن نسأل أنفسنا ومن حولنا عنها في الجوانب (التشريعية والقضائية والتنفيذية) في حياتنا ..

فأنت أيها الإنسان المؤمن وليك الله ورسوله ووصيه وخليفته في أرضه.
قال تعالى:
:"وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)"سورة هود
فإن كنت أباً و رب أسرة
وإذا كنت رئيساً في عملك
أو صاحب مؤسسة أو شركة
أو مكانةٍ ما فأنت قائد وعليك أن تعرض نفسك على الإمام الحسينعليه السلام فهو يقول )) :

لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين برما))..
عليك يا ابن آدم أن تعرض أعمالك كذلك وتحاسب نفسك على كل صغيرة وكبيرة وخصوصاً في الجانب الحقوقي الإنساني.
فإذا كُنت مُستبداً في رأيك
ظالماً لغيرك
مسيطراً وقاهراً متكبراً ومتجبراً ....
وإذا كنت من المنغمسين في شهواتك المتبع لأهوائك دون حسيب أو رقيب أو كنتَ ممن لا يعطون الآخرين حرية التعبير عن رأيهم أو المُسيطرين المتجبرين على الضعفاء والمساكين والذين يسلبون الآخرين حقوقهم في حياتهم (حرياتهم الشخصية) و المادية وغيرها فأنت في عِداد الظلمة والظالمين.
فماذا سَتُفيدك دمعتُك على الإمام الحسين إن لم تغسل الدمعة قلبك مما ارتكبته وترتكبه من ظلم لنفسك والآخرين.. لأمك ، لأبيك ، لزوجتك، لأولادك ، لإخوانك، لأخواتك ، لجيرانك، للناس وأنت تسعى لإذلالهم أو تحقيرهم أو تحطيمهم ..؟!!
ماذا ستفيدك الدمعة إن لم تُعطي الآخرين حقوقهم الشرعية أو تعطيهم الضوء الأخضر لممارسة حرياتهم الشخصية في حياتهم؟؟!
وماذا ستفيدك إن لم تُعد صياغة نفسك من جديد للأفضل ويديك ووجهك قد سودتهُ الذنوب ولم تتب؟
ما فائدة لطم صدرك وبكاءك إن كنت ممن يضربون الآخرين بأيهم دون وجه حق وممن لا يحترمون الآخرين وممن ينشرون الفتنة بين الناس وممن لا يراعون حدود الله وحرماته..؟!!
ما فائدتك وأنت خائن للرسالة الإنسانية المطلوبة في الحياة..؟!!
هل تكذب على نفسك وتخادعها أم تكذب على الله وعلى رسوله وعلى أميره وعلى الإمام الحسين وتخادعهم..؟!!
((أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ)) سورة الأعراف آية 97
أجب أيها الإنسان..
هل تُريد أن تكون ممن قال الله تعالى فيهم :
((وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ)) سورة الأعراف آية 102
كيف ستقف أمام الله سبحانه وتعالى في المحشر والخلائق تنظر إليك ويشير إليك من ظلمتهم بأن يأخذ الله حقوقهم منك ..

بأن يشفي غليهم فيك .. بأن يقصم ظهرك أمامهم لتنال جزاء ما حرمتهم إياه في حياتهم وما ظلمتهم لأجله..؟!!
اعرض أعمالك وما اقترفهُ لسانك ويداك على الإمام الحسين وانظر جانب القيادة السليمة في الحياة وتأمل جانب المحبة والإخلاص والشهامة والشجاعة والوفاء والإخاء يقول سيدنا أبا الثوار الإمام الحسين :

((ألا ترون أن الحق لا يعمل به، وأن الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً ((
المصدر: تحف العقول ،ابن شعبة الحراني،الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرسين، قم-إيران، الطبعة الثانية 1404هـ ص 245.

أقول..
يا ابن آدم ..
لين قلبك وجوارحك بذكر الله تعالى وبذكر الحسين وأكثر الاستغفار وتُب من تكبرك وغرورك فإن الله تعالى توابٌ رحيم :
((وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)) سورة الأعراف 153
وابكِ على نفسك ولا تغتر بها وبكثرةِ ذهابك لمجالس الإمام الحسين فليس الأمر بكم مرةٍ ذهبت وكم مرةٍ بكيت وكم ..
وكم بل ما هي العبرة والدرس الذي يجب عليك القيام بهِ بعد تلك الزيارة لأبي الأحرار الإمام الحسين..
قال تعالى: (( وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون والعاقبة للمتقين)) سورة الأعراف آية 160
وإن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان حُراً لا عبداً وعلى الإنسان المؤمن الواعي أن لا يقبل بالذل والظلم وأن يحاربه بكل أشكاله ومن جميع أطرافه

قال أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب :


((لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً)) ميزان الحكمة محمد الري شهري، ج2،ص582، رقم3557
وأخيراً هل صاحب العصر والزمان الإمام المهدي المنتظر(روحي لمقدمه الفداء) راضٍ بحالنا..؟!!

نسئلكم الدعاء

تحياتي عاشق الحسين