لا تتقدم المجتمعات إلا بتحمل أفرادها لمسؤولياتهم، فالتلميذ عندما يتخلى عن المذاكرة واداء الواجبات لا يحرز أي تقدم وعندما يترك القائد جيشه ويتهاون في عمله يهجم العدو ويهيمن على أفراد الشعب وحينما يهمل الطبيب في اداء رسالته ويرفض معالجة المرضى يصاب الجميع بالداء. وهكذا فكل في مدرسته وخندقه وعيادته مسؤول "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، لكن يصاب بعض الأفراد في المجتمع بداء اللامسؤولية فيتركون أو يتكاسلون عن القيام بأعمالهم المطلوبة فما هي جذور بذور هذه الصفة؟!
هناك عدة نقاط يمكن أن نسلط عليها الضوء وعند ذلك نتمكن من اكتشاف جذور هذه المشكلة:
1- اللامبالاة... وهي مسألة أساسية، وجذر رئيسي قد ينمو في نفوس البعض فنجد أنه لا يبدي أي اهتمام للقيام بواجباته المطلوبة منه، أو التكاسل في اداء المسؤوليات التي تناط به، وانّه أيضاً لا يتعاون مع بقية أفراد المجتمع في سبيل الوصول إلى الأمام وتقدمه.
2- التوكل... ومعنى ذلك أن يتصور الفرد بأن غيره هو المسؤول عن أداء المهمات وليس هو، وتبرز هذه الحالة في بعض الأعمال التي لا يبدو ارتباط الإنسان مباشرة بأدائها.. كأن يلاحظ بعض الحالات السلبية في المجتمع الذي يعيش فيه، فلا يبدي أي اهتمام، ولا يرفع أي خطوة لتعديل تلك الحالة السلبية.. في الوقت الذي يفترض في أي إنسان يعيش ضمن مجتمع معيّن، أن يكون مسؤولاً عن ما يجري في ذلك المجتمع.
3- ردود الأفعال الشخصية... كأن تكون لدى الإنسان مشكلة شخصية يحاول أن يعكس ردودها السلبية على مجتمعه، وأن يعيش بعض الانفعالات الذاتية، فعلى الإنسان أن يفصل بين هذه الأمور، ويؤدي واجباته ومسؤولياته المطلوبة اجتماعياً، بعيداً عن كل المواقف الخاصة وردود الفعل.
4- عدم احترام العمل والمسؤولية.. فإن احترام العمل يدفع الإنسان إلى تحمل المسؤولية الكاملة له، أما عدمه فانه يجعل الإنسان متباطئاً كسولاً، حيث لا يولي أي عناية للأعمال التي يفترض أن يقوم بها، إن عدم احترام الإنسان للأعمال والمسؤوليات جذر أساسي في الكثير من المشاكل التي تعترض المجتمع.
لكن ما هي الأسباب التي تجعل البعض يتحملون المسؤولية وآخرون لا يتحملونها؟ يمكن أن نوجز الأسباب الأساسية في التالي:
أ- التدين والتقوى... والمقصود هنا الممارسة السلوكية لواقع الدين وتعاليمه فالإنسان المتدين المتقي يرى نفسه شرعاً مسؤولاً أمام الله في أداء الواجبات الاجتماعية.
ب- الوعي.. أن وعي الإنسان بالحياة، وفهمه لطبيعة متطلباتها اليوم، ومستوى الصراع الذي تعيشه الأُمّة في هذه المرحلة له دور كبير في دفع الإنسان إلى تحمل المسؤولية، فكلما ارتفع مستوى الوعي زاد مقدار تحمل المسؤولية.
ج- إحترام النفس.. فالإنسان الذي يحترم نفسه لا يسمح لها بأن تؤخر أو تؤجل أو تترك الأعمال والمسؤوليات المطلوب أداؤها.
د- إحترام الجماعة.. فمن يحترم المجتمع الذي يعيش فيه سيكون مستوى حمله للمسؤولية أكبر من غيره وبالتالي لا يتوانى من تقديم أي عمل مطلوب من خدمة المجتمع.
وأخيراً... هل نتحمل المسؤولية كاملة؟ هل يقوم كل فرد بما هو مطلوب منه ازاء المجتمع؟ وهل نسرع في أداء الأعمال ونتقنها؟.