شرع الجيش الإسرائيلي بأوسع حملة إقناع للشبيبة اليهودية المتميزة في أرجاء العالم بالهجرة إلى إسرائيل والالتحاق بالجيش، خصوصاً في وحدة الحرب السيبيرية، ضمن ما يعرف بوحدة الاستخبارات الإلكترونية 8200. وتعاظمت هذه الحملة بعدما أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قبل بضعة أسابيع عن برنامج وقائي لإنشاء «قبة حديدية رقمية» يحمي الدولة العبرية من الهجمات السيبيرية.
كتب حلمي موسى في جريدة السفير اللبنانية :
وأشارت صحف إسرائيلية إلى أنه في عهد غدا فيه فيروس كومبيوتر واحد أشد ضرراً من أطنان المتفجرات، أصبح الجيش في حاجة إلى مقاتلين من نوع آخر، أي شبان عباقرة كومبيوتر عبر اجتذابهم من داخل الجاليات اليهودية في أرجاء العالم. فالجيش الإسرائيلي فهم منذ زمن أن الحروب المستقبلية لن تدور فقط في مساحات الوغى وإنما أيضاً في فضاءات الانترنت، لذلك زاد هذا العام بشكل كبير من استثماراته في المجال السيبيري ضمن الوحدة 8200 التابعة لسلاح الاستخبارات.
وقد أمر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال أفيف كوخافي أن تضاف، إلى الخطة المستمرة لسنوات، ميزانية خاصة بقيمة ملياري شيكل (حوالي نصف مليار دولار) لتطوير هذا القطاع. ولا يمكن فهم معنى هذه الخطوة من دون الإشارة إلى واقع أن إسرائيل تعتبر من الدول الرائدة عالمياً في هذا الميدان، الأمر الذي يشير إلى رغبة كبيرة في توسيع نطاقه. وقد سبق أن اتهمت محافل ودول كثيرة في العالم إسرائيل بتطوير فيروسات كمبيوتر ألحقت أضراراً بشكل خاص بالمشروع النووي الإيراني.
وبموازاة الحملة أنشأ سلاح التقنيات وحدة جديدة مهمتها حماية منظومات الاتصال في الجيش الإسرائيلي من محاولات الاقتحام أو التخريب التي قد تتعرض لها. وبحسب ما هو معلوم تعاني إسرائيل يومياً من هجمات إلكترونية تشنها جهات هاوية أو احترافية عربية وإيرانية على مواقعها وخوادمها الإلكترونية.
ويبدو أن إسرائيل في نطاق برنامج تعاظم قوتها في الحرب الإلكترونية، صارت شعبة القوى البشرية في الجيش تلحظ النقص المتوقع في المحاربين الإلكترونيين. ولذلك بدأ هذا التوجه نحو الشباب ذوي الخبرة التكنولوجية وعلوم الكومبيوتر على وجه الخصوص. وتركز الشعبة حالياً على الحاصلين على علامات عالية في مقياس «الجماعات النوعية»، و«التصنيف النفسي التقني الأولي» في الجيش.
وبحسب صحيفة «يديعوت» فإن شعبة الاستخبارات «تحرث» المدارس في طول الدولة وعرضها في محاولة لاكتشاف عباقرة الكومبيوتر الشبان، وتحاول إقناعهم بأن إسهام محاربي السايبر في أمن الدولة العبرية وحمايتها يزداد باطراد، كما أنها تعرض عليهم دورات تأهيل قبل التجنيد.
غير أن هناك وحدات أخرى في الجيش تتنافس على النوعية ذاتها من الأفراد المتميزين، حيث يفضل أصحاب القدرات البدنية العالية بينهم التوجه إلى سلاح الطيران أو وحدات النخبة أو وحدات أخرى في سلاح الاستخبارات. وربما لهذا السبب تركز شعبة القوى البشرية على محاربي السايبر المفترضين بين الشبان اليهود في الخارج، وخصوصاً في أميركا الشمالية وأوروبا.
واعترف ضابط كبير في شعبة القوى البشرية بأنه «تنتصب أمامنا تحديات كبيرة في مجال السايبر، ونحن نحارب للحصول على كل جندي صاحب قدرة مناسبة»، موضحاً أنه «في المرحلة الأولى نبحث في الجاليات اليهودية في العالم عن شباب يمكن أن يكونوا مناسبين للمهمة. ومندوبونا الذين يصلون للجاليات يتصلون بهم ويبدأون حتى في الخارج مهمة تصنيفهم». وكل من يصلح منهم للخدمة في هذا المجال ويكون بالتصنيف الأمني المناسب يدعى للهجرة إلى إسرائيل والخدمة كمقاتلي سايبر.
وشدد الضابط الإسرائيلي على أن «هذا مشروع صهيوني وقومي»، مضيفاً «وآمل أنه في أعقاب هؤلاء الشبان المهاجرين لإسرائيل في نطاق منظومة السايبر، ستأتي عائلاتهم أيضاً».
وكان نتنياهو قد أشار قبل بضعة أسابيع علناً إلى ما تتعرض له إسرائيل من هجمات إلكترونية على منشآتها الأساسية. وقال في مستهل اجتماع حكومي إن «محاولات تنفيذ هجمات إلكترونية على بنية حواسيب دولة إسرائيل تتعاظم. وفي كل يوم نشهد محاولات كثيرة لاقتحام منظومات حواسيب إسرائيل». وأضاف إن «هيئة السايبر الوطنية»، وهي الهيئة التي شكلت قبل حوالي العام «تعمل لصد هذه المحاولات، عن طريق تطوير ما يمكن لي تسميته القبة الحديدية الرقمية لإسرائيل لمكافحة إرهاب الحواسيب».
وتابع نتنياهو أنه «مثلما نملك قبة حديدية وسياجاً أمنياً ضد المتسللين والإرهاب، ستتوفر لنا حماية مشابهة ضد هجمات السايبر. ولكن كما في بناء السياج، يتطلب الأمر وقتاً لإكماله، ونحن نعمل على ذلك بكامل الشدة، وبكامل الجهد».
وتجدر الإشارة إلى أن الجهد الإسرائيلي في هذا المجال يتم في الغالب بتنسيق مع الولايات المتحدة التي تمول العديد من برامج البحث في هذا المجال. وسبق أن نشرت كبريات الصحف العالمية تقارير تفيد بأن الهجمات الإلكترونية التي شنت ضد حواسيب المشروع النووي الإيراني، كانت بتنسيق وتطوير مشترك إسرائيلي أميركي.