اختراق طائرة حزب الله لأجواء فلسطين المحتلة يعدّ فشلاً ذريعاً للجيش الإسرائيلي، ولا تنفع معه التعمية وقلب الحقائق. هذه هي خلاصة تقرير نشرته أمس صحيفة «هآرتس»، التي ضمنته مجموعة من الأسئلة عن أسباب الإخفاق، وضرورة البحث عن «الثقوب» في المنظومة الاعتراضية الإسرائيلية.
تعليقاً على المواقف والأداء الإعلامي الإسرائيلي، إزاء اختراق طائرة حزب الله للأجواء الفلسطينية، وتحديداً المواقف الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى، وأيضاً عن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، تساءلت صحيفة «هآرتس»، أمس، عن الأسباب التي تدعو إسرائيل الى مديح سلاح الجو والدفاعات الجوية، رغم كل الإخفاق والفشل في اعتراض طائرة حزب الله، وحقيقة اكتشافها المتأخر، مشددة على أن «هذه القضية هي فشل بكل المقاييس».
وكتب محلل الشؤون الاستراتيجية في الصحيفة، رؤوفين بدهتسور، أنه «عندما تبدأ إسرائيل بمدح الإخفاقات، فإن هناك مكاناً للقلق، وهذا ما حدث بالضبط، قبل أسبوع ونصف»، مشيراً الى أن «وزير الدفاع، إيهود باراك (الصورة)، ورئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عمدا إلى تهنئة رئيس الأركان، بني غانتس، وقائد سلاح الجو، (أمير إيشل)، إزاء ما سمّياه العملية الناجحة في اعتراض طائرة بلا طيار وتدميرها، في المنطقة جنوبي الخليل، التي فيها كل شيء، عدا أنها ناجحة».
وشدد الكاتب على أن قضية الطائرة تشكل «فشلاً مخزياً للجيش الإسرائيلي، بكل المقاييس المهنية، وخاصة أن الطائرة حلقت أكثر من ساعتين فوق البحر، ونحو نصف ساعة فوق اليابسة داخل إسرائيل»، مضيفاً إن «الطائرة قطعت طريقها فوق البحر المتوسط من لبنان، الى الساحل المحاذي لقطاع غزة، وفي أثناء تحليقها الطويل، لم يجر كشفها بأي من منظومات الرصد والإنذار الإسرائيلية، الأمر الذي يشير الى وجود ثقوب في قدرة المنظومات الإسرائيلية».
ويشير الكاتب الى أن «طائرة حزب الله، مرت خلال تحليقها في المتوسط، فوق قطع تابعة لسلاح البحر الإسرائيلي، من غير أن يلحظها أحد، بل حلقت فوق منطقة منصات التنقيب عن الغاز، ومن يفترض به أن يدافع في المستقبل عن هذه المنشآت، وعليه أن يدرك أن من أرسل الطائرة كان بإمكانه أن يحمّلها موادّ متفجرة، ويفجرها فوق إحداها».
ويوجه الكاتب مجموعة من الأسئلة للجيش الإسرائيلي: لماذا تأخرت الجهات المعنية في الجيش بكشف الطائرة الى هذا الحد؟ وماذا لو كانت محملة بمواد متفجرة، وعمد مسيّروها إلى توجيهها نحو مدينة عسقلان، أو محطة توليد الطاقة بالقرب منها، أو حتى الى مرفأ أشدود؟ في هذه الحالة، كان بإمكان الانفجار أن يحدث من دون أي إنذار مسبق.
ويشير الكاتب الى أن حديث الناطق باسم الجيش الإسرائيلي يثير الحيرة والقلق والغضب، إذ ورد في بيانه أن «الطائرات الحربية رافقت الطائرة خلال تحليقها نحو الشرق مدة نصف ساعة، قبل أن تطلق عليها صاروخَين، أصابها أحدهما. فإذا كان هذا ما حدث، فما الداعي إلى مرافقتها طوال هذه المدة، من دون إسقاطها؟»، متسائلاً عن مدى قدرة الحجج المسوقة من قبل الجيش، لتبرير الفشل. وأشار الى أن «الحرص على إسقاط الطائرة فوق مناطق مفتوحة هو حجة غير مقنعة على الإطلاق، إذ إنها لا تأخذ بالاعتبار إمكان أن تكون الطائرة محملة بمواد متفجرة، وأنها بمنزلة قنبلة طائرة، وكان بإمكانها أن تسقط فجأة وتنفجر على هدف خطط له مسبقاً، مثل قاعدة سلاح الجو التي حلقت فوقها... ليس واضحا لماذا تقررت المخاطرة، وعدم إسقاطها فوراً، في اللحظة التي اكتشفت فيها، بل الانتظار نصف ساعة تحليق في الأجواء الإسرائيلية، مع تمكين الطائرة من تصوير أهداف ومنشآت».
وختم الكاتب بتسجيل اعتراضه على أداء الجيش والمسؤولين الإسرائيليين، مشيراً الى أن «ما يفترض أن يكون أكثر إقلاقاً من كل شيء، في كل ما يرتبط بقضية الطائرة من دون طيار، هو عرض الفشل على أنه نجاح، وطالما أننا نمدح الجيش وسلاح الجو على الأداء الممتاز، فلا حاجة بالتالي الى تحقيق وإلى طرح الأسئلة واستخلاص الدروس والعبر».