تستعيد الجمهورية الاسلامية الايرانية في هذه الايام ذكرى الحرب المفروضة عليها. ثماني سنوات من المعارك على مدى الحدود الغربية والجنوبية، العدو كان يرتدي لباس الجندي العراقى ويرفع علم بلاد الرافدين اثناء حكم "الطاغية " صدام حسين، ولكن خلف ذلك الجندي تجند العالم كله بامريكييه وغربييه وعربه، معسكرات الشرق والغرب، وقفت تشهد على الثورة الاسلامية الفتية وعلى جنودها الحفاة، الذين لم يتملكوا سوى الشجاعة والايمان باحقية قضيتهم، وحاربوا لاجلها، هي لم تكن حربا بين جارين، ولا بين قوميتين، كانت حربا كونية على الاسلام بادوات تتحرك في المنطقة، وبعد ثلاثة عقود، مازلنا نشهد نفس التحركات، واستمرارا لتلك الحرب بكافة اشكالها وتفاصيلها ومعسكراتها، مع تغييرات بسيطة طرأت على المشهد السياسي بسبب تبدل الديموغرافية الجيوسياسية في روسيا والصين.
بالعودة الى حديثنا، صواريخ شهاب وقدر وسجيل وزلزال وفاتح في طهران، صواريخ لم تتساقط على العاصمة كما كان حالها مع صواريخ "سكود" العراقية قبل ثلاثين عاما. بل هذه الصواريخ رفعت لتوجيه رسالة الى الداخل والخارج، بان جاهزية المعركة في مستواها الاقصى، وان لا وجود لأي مفاجآت من قبل الاعداء لان ما يريدونه واضح و صريح .
مصلى الامام الخميني احد اكثر الاماكن رمزية في طهران، هنا حيث سجي الامام الخميني قدس سره لثلاثة ايام، وبني في المكان عينه مصلى حمل اسم مفجر الثورة، من هناك كانت الرسالة، للداخل اولا: "لدينا صورايخ قادرة على ان تضرب اي مكان، وجاهزون للدفاع عن الشعب، ولمن يعتريه الخوف من الدعاية الاعلامية، فلياتي ويشاهد الصورايخ بام عينه". عبارة رددها احد المشرفين على المعرض، والاجابة كانت واضحة على وجوه طلاب المدارس والزوار، الذهول بدا واضحا على وجوه الاطفال، صواريخ بطول ستة عشر مترا، هي تبدو صغيرة على شاشات التلفاز، ولكنها هنا تبدو عملاقة: "تعانق السماء وتلامس الشمس". اذا العسكر هنا اجرى عملية استفتاء ومسح للاستعداد الشعبي للدفاع والتطوع للحرب، وكانت نتيجة الاختبار ناجحة جدا عبر التفاعل الغير مسبوق مع هذا المعرض الذي ضاق بزائريه رغم رحابة المكان فالكل اراد ان يلتقط صورة الى جانب "شهاب وقدر وسجيل".. صورة للذكرى .
في المقلب الاخر، رسالة للخارج، ورد على الخطوط الحمراء التي رسمها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو في الامم المتحدة. اليوم، ايران هي من ترسم الخطوط الحمر، اولها: لا يمكن المساس بنا، ثانيا: الجميع جاهز للمعركة بل يتوق اليها. ثالثاً: كل من يراهن على المزاج الشعبي سقطت رهاناته .
من هنا فهمت الرسالة الايرانية، فكل بيت في ايران يعد صاروخا وكل طفل او شيخ او امراة وكل ساحة عامة وشارع هو صاروخ .
ما شاهدناه في مصلى طهران ليس مجرد صاروخ على منصة، وليس "دفاع جوي" على قاعدة اطلاق، وليس مجرد دبابات وضعت للعرض، انه صندوق بريد، فمن بين كل الصواريخ القصيرة المدى عرض زلزال وفاتح 110 وبين المتوسطة عرض شهاب وقيام 1 وفي المدى البعيد كان سجيل وقدر، هي منظومة الرعب الايرانية الاكثر فتكا، فهناك صواريخ كثيرة واسماء عديدة، ولكن التاكيد على هذه الصواريخ حمل معه دلالات الرد الايراني، اما التوقيت العرض فاتى في خضم التهديد متزامنا مع ذكرى احياء اسبوع الدفاع المقدس.
قبل ثلاثة عقود كانت تقصف طهران بالصورايخ في الوقت الذي كانت تبحث فيه القوات المسلحة الايرانية عاجزة عن من يبيعها صاروخا واحدا للرد على الهجمات، لكن العاصمة اليوم تغرق بعشرات الصواريخ الجاهزة للانطلاق دفاعا عنها وعن اهلها، مفارقة ارادت الجمهورية الاسلامية ان تضعها بين يدي شعبها واصدقائها واعدائها، ورسالة الى كل من يعنيه الامر، وعلى كل من شاهد الصواريخ ان يقرأ معانيها بالشكل الذي يريده لان جميع التفسيرات والتحليلات تصب في خانه واحدة، الهجوم على ايران خط احمر وفي حال خرق ستسقط حينها كل الخطوط الحمر في المنطقة .
بعض الصور الخاصة من المعرض: