بقلم عاطف أبو الرب
يبدو أن الرئيس المصري يحاول أن يثبت للغرب وأمريكا أنه لاعب رئيسي في الساحة السياسية في الشرق الأوسط، وكذلك يريد مبايعة مشخيات الخليج من خلال دعم مساعيها الواضحة في كسر شوكة الجمهورية العربية السورية. وعليه فقد أشارت وكالات أنباء لعرض سخي قدمه مرسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية مقابل تخليها عن نظام البعث العربي السوري.
بعيدا ًعن تفاصيل الصفقة، التي تفوح منها رائحة الغدر وخيانة الأمة العربية، فإن مرسي يصطف بشكل واضح، ويأخذ موقفا يتنافى مع مكانة مصر عبد الناصر في الذاكرة العربية. حيث أنه نصب العداء للنظام العربي السوري، وأعلن أكثر من مرة عن مطالبته بإسقاط وزوال النظام في سوريا. وهذا يسجل ضد مصر العروبة، وضد مصر عبد الناصر صاحب تجربة الوحدة مع سوريا.
وقد صار موقف مصر هذا واضحاً ضد نظام سوريا، والغريب أن من المآخذ على النظام السوري من وجهة نظر مشيخات الخليج، وبعض المحرضين على سوريا علاقتها مع إيران. وموقف مرسي هذا عجيب، فكيف لك أن تكون ممن يتنصبون العداء لسوريا بسبب علاقتها مع إيران، وتأتي لتعقد صفقة مع إيران!!! هل يعقل أن نقاتل لإسقاط نظام الأسد بحجة أنه
" رافضي" ، ويؤيد إيران، ونأتي لنعقد صفقة مع "الرافضة" والشيعة لإسقاط نظام البعث؟ إذا صحت الأخبار، واعتقد أنها كذلك، فقد انكشفت عورة هذا النظام، ولم يعد يستحي، حيث أنك تنظر وتحرض على نظام البعث، وتدعي أنت ومن خلفك كثيرون أن هذا النظام معاد للسنة، وتأتي لتعرض على إيران إعادة علاقات طبيعية معها، وأكثر من ذلك فتح علاقات مع دول الخليج، ترى هل نظام الأسد يستحق كل هذا الثمن؟ والسؤال ماذا ستقول للشعوب التي رفعت راية الجهاد ضد سوريا بحجة موالاتها للشيعة؟ ومن هو المفتي الذي سيتصدر الفتوى لتمرير هذا الاتفاق، إن تم؟ أقول ألاعيبكم لم تعد تنطلي على أحد.
ومع أنني لست ملماً بمواقف إيران، لكنني على يقين أن الجمهورية الإسلامية في إيران لن تأمن طرفك، ولن تتساوق مع هذا العرض، فإيران، بفعل رصانة موقفها ليست بحاجة لك، ولعرضك هذا، واعتقد أن مواقفها من سوريا ليست آنية، وستواصل دعمها لنظام البعث العربي السوري، لإداركها أن ما يراد لسوريا شر، وأن أمريكا والصهيونية المستفيدان الرئيسيان من إسقاط سوريا.
والقضية الأخرى أيها القائد المسلم، يا صاحب الصفقات، وصاحب المبادرات، ألا ترى أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والقدس الشريف، مستمر؟ أين القدس وفلسطين من برنامجك العملي؟ هل توقف الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين حتى تقفز عنها وتنتقل إلى سوريا؟ أليس من واجب مصر أن تقول للاحتلال إن مصير الاتفاقيات مرهون بوقف الاحتلال؟ أو على الأقل تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني؟ ألا ترى أن مقدسات المسلمين في القدس مهددة بالزوال في ظل حكومة الاحتلال، التي تعلن جهاراً نهاراً يهودية القدس؟ ألا ترى أن التلويح بقطع العلاقات مع الاحتلال، أو على الأقل إغلاق السفارات من شأنه أن يسقط عنك عذر الدفاع عن القدس؟ أم أن تدمير سوريا، وهذا واضح، صار مطلب الأنظمة العربية؟
على أية حال، فإن مواقف مرسي لا تحتاج لتحليل، فإن من جاءت به "الأخوان المسلمين" لا يمكنه إلا أن يتبنى مواقفها عن ظهر قلب، ولا يمكنه أن يتجاهل فتاوى كبيرهم الذي علمهم السحر، فحسبنا الله فيكم، ونسأل الله أن يسرع فضحكم، لأنكم بمواقفكم هذه تمزقون الأمة، والله وحده القادر على حماية سوريا من كيدكم، وهو القائل من فوق سبع سموات "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين". صدق الله العظيم.